قد يتسأل البعض كيف نجد بعض الايات في الكتاب المقدس تبيح إستعمال الخمر مثل قول الله ” أُعْطِي مَطَرَ أَرْضِكُمْ فِي حِينِهِ: الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ. فَتَجْمَعُ حِنْطَتَكَ وَخَمْرَكَ وَزَيْتَكَ ” تثنية 11

بينما في نصوص اخرى نرى تحذير من استعمال الخمر او النظر إليه ” خَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ تَشْرَبْ ” لاويين 10 و لاَ تَنْظُرْ إِلَى الْخَمْرِ إِذَا احْمَرَّتْ حِينَ تُظْهِرُ حِبَابَهَا فِي الْكَأْسِ وَسَاغَتْ مُرَقْرِقَةً. 32 فِي الآخِرِ تَلْسَعُ كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوانِ ” ام 23 . وهنا نقول ان الكتاب المقدس يصرح في ايات السابقة بان الله يبارك في نتاج الارض يبارك في الحنطة ( القمح ) ويبارك في العنب الذي منه عصير العنب ( أي الخمر الذي لا يسكر ) والزيتون الذي منه الزيت . كما نلاحظ في العديد من الايات أن الكتاب المقدس يطلق في مواضع كثيرة اسم الخمر

العنب = الخمر في الكتاب المقدس
يسمى الكتاب المقدس العنب خمراً وهذا من باب تسمية الشئ بإسم ما يكون منه ومن امثلة ذلك نذكر :-
* جاء في سفر التثنية 14 ” تَعْشِيرًا تُعَشِّرُ كُلَّ مَحْصُولِ زَرْعِكَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْحَقْلِ سَنَةً بِسَنَةٍ. 23 وَتَأْكُلُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ، فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ لِيُحِلَّ اسْمَهُ فِيهِ، عُشْرَ حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ ” وواضح من القرينة هنا ان المراد بالخمر المذكو في هذة الآية هو العنب )” مَحْصُولِ زَرْعِكَ ) . ومن المعلوم ان الحنطة من المحصول لمزروع بينما الخمر والزيت ليس كذلك فالحقل يخرج عنباً وزيتوناً دعاهما الكتاب المقدس هنا مجازا مرا وزيتا وذلك من باب تسمية الشئ باسم ما يكون منه
*وايضاً قول موسى النبي ” تَكُونُ عَيْنُ يَعْقُوبَ إِلَى أَرْضِ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ، وَسَمَاؤُهُ تَقْطُرُ نَدًى. ” وواضح من القرينة هنا ايضا ان المراد بالخمر المذكور هو العنب وذلك من قوله ( أرْضِ حِنْطَةٍ ) ومعناها ارض تنبت حنطة ( قمح ) ولكن ما معنى
خَمْرٍ ! يعني ارض خمر والأرض لا تنبت خمراً ولكنها تنبت عنب فهل يمكننا ان نقول الارض تغل خمراً ؟! كلا. فالارض لا تعطي خمراً بل عنباً دعاة موسى النبي خمراً مجازاً وهذا من باب تسمية الشئ بإسم ما يكون منهُ
* وايضاً قول هوشع “وَالأَرْضُ تَسْتَجِيبُ الْقَمْحَ وَالْمِسْطَارَ وَالزَّيْتَ وَهِيَ تَسْتَجِيبُ يَزْرَعِيلَ “
والمسطار يعني الخمر ولكن نجد ان النص يقول ان الارض تستجيب القمح والخمر والزيت وهذا ايضاً مماثل للأمثلة السابقة وهناك العديد من الايات المماثلة ومنها يتضح ان الكتاب المقدس في حديثه عن الخمر يضع امامنا عدة كلمات ومعاني :

كلمة الخمر في الكتاب المقدس :
وردت كلمة خمر في الكتاب المقدس تقريباً 214 مرة في ثلاث كلمات كالآتي :-

.الكلمة الاولى (ين) : معناها عصير العنب الطازج غير المسكر ووردت بهذا المعنى 140 مره وهى ما نصح به القديس بولس تلميذه تيموثاوس ان يتعاطاه لغناه بالمواد الغذائية والحرارية

.الكلمه الثانية (تيروش) :معناها ثمر وذكرت بهذا المعنى 32 مرة

.الكلمة الثالثة(شيكار) : معناها مُسكر وقد ذكر 42 مرة تشير للخمر المختمرة من غيره وهى مقرونه بالويلات والنواهى ومحرمة بتاتا. , ” اِصْحُوا أَيُّهَا السَّكَارَى، وَابْكُوا وَوَلْوِلُوا يَا جَمِيعَ شَارِبِي الْخَمْرِ”

الكتاب المقدس ينهانا عن شرب الخمر المسكر الذي فيه الخلاعة
“وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ”

(1)
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:

[يليق بالإنسان العادي أن يتحفظ من السًكر من كل جانب، فكم بالأكثر يلزم بالجندي (الروحي) الذي يعيش بين السيوف، ويتعرض لسفك دمه والقتل…

اسمع ما يقوله الكتاب: “أعطوا مسكرًا لهالك، وخمرًا لمرّي النفس” (أم ٣: ٦)…

لقد أُعطيت الخمر لنا لا لهدف سوى صحة الجسد (أي لنواح طبية)، لكن هذا الهدف فسد بسبب سوء الاستخدام. اسمع ما يقوله رسولنا الطوباوي لتيموثاوس: “استعمل خمرًا قليلًا من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة” (١تي ٥: ٢٣)…

يقول: أتريد أن تكون فرحًا؟ أتريد أن تشغل اليوم؟ أعطيك المشروب الروحي. لأن السكر يفقدنا حتى صلاح لساننا الواضح، فيجعلنا متلجلجين ومتلعثمين، ويشّوه العينين وكل الملامح. تعلّم التسبيح بالمزامير فتلمس عذوبة العمل. فإن الذين يسبحون بها هم مملوؤن بالروح القدس كما أن الذين يتغنون بالأغاني الشيطانية هم مملوؤن بالروح النجس[175].

إذن عوض البهجة بالسُكر هذا العالم لنمتلئ بعمل روح الله القدوس الساكن فينا فتسكر نفوسنا بحب الله بلا انقطاع، وتهيم دائمًا في السماوات تطلب البقاء في أحضانه أبديًا.

هنا يليق أن نشير إلى أن الامتلاء بالروح لا يعني حلولًا خارجيًا نتقبله وإنما هو قبول عمل الروح فينا والتمتع بقوته العاملة داخل النفس. لقد عبّر القديس باسيليوس في كتابه عن الروح القدس عن هذا الامتلاء بقوله إن الروح يُعطي للإنسان قدر استعداد الإنسان، وكأن الروح لا يكف عن أن يعطي ما دام الإنسان يفتح قلبه لعمله فيه ويتجاوب معه.

يعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على العبارة: “وأما شاول الذي هو بولس أيضًا فامتلأ بالروح القدس وشخص إليه، وقال: أيها الممتليء كل غش وكل خبث يا ابن إبليس يا عدو كل برّ إلاَّ تزال تفسد سبل الله المستقيمة؟!” (أع ١٣: ٩، ١٠): [لا يفتكر أحد أن بولس لم يكن مملوءً من الروح عندما تحدث مع الساحر، لكن الروح القدس الساكن فيه ملأه قوة ليقف أمام الساحر؛ فكما أن الساحر يحمل قوة الشر قدم له الروح قوة… [176].]

الخلاصة : الخمـر في حد ذاته ليس بشئ غير جيد الله لا يخلق شئ غير جيد بل كل ما خلقه الله هو حسن ولكن يسوء إستخدام الاشياء التي خلقها الله حسنه من قبل الإنسان ليجعلها سيئة ، ان الله يمنعنا ان نشرب الخمر لكي نسكر بها ولكنه خلقها لأجل منفعة الإنسان كما إستخدم الرسول بولس مع تلميذة تيموثاوس ، هناك ثلاث انواع في الكتاب المقدس يطلق عليهم خمراً … مسكر ، غير مسكر ( عصير العنب ) ، ثمر
في النهاية اذكركم بقول الكتاب
++”لاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ ++