نتيجة للعبة صبيانية تداولتها شبكات التواصل المتعددة والتي انتشرت بالكثير من المدارس في أرجاء العالم، فقد دبَّ الهلع والذعر في صفوف الكثير من الأولاد والشباب والأهل، فتزاحمت التساؤلات والمخاوف في مدى مصداقية هذه اللعبة وتأثيراتها وأبعادها! لعبة "تشارلي تشارلي" لاستدعاء الأرواح قد حازت على اهتمام واسع جدًا، فمارسها ولا يزال يمارسها الكثير من الصبية والشبيبة الذين يدفعهم الفضول والاستهتار المصحوب بالتسلية والاستمتاع! أعتقد بأن السبب الأساسي الذي شد هذا الكم الهائل من الشبيبة للعبها هو الفضول الموجود دومًا في أعماقنا تجاه الحياة الأخرى المقابلة لحياتنا والتي تتحدث عنها جميع الأديان... ماذا يوجد خلف هذا الغشاء؟ ما هو هذا العالم الروحي الذي تعجز عيوننا عن إبصاره ولكن نفوسنا تخشاه وترهبه؟ ماذا يأتي بعد الموت؟ وأين تتواجد الروح بعد انفصالهاعن الجسد...؟ إنَّ لعبة "تشارلي تشارلي"  شبيهة ومبسّطة عن لعبة "ويجا" المعروفة لاستدعاء الأرواح، وهي توهم باستحضار روح شريرة مكسيكية لفتًى مقتول، حيث يُنادى باسمه عدّة مرات بعد أن يتم تحضير لوحة بسيطة عبارة عن ورقة يتوسطها قلمان بشكل صليب مقلوب أو إشارة X وفي زواياه الأربع مكتوب (YES\NO)! وبعد أن يُنادى على روح تشارلي تنتظر المجموعة أن يتحرك القلم مجيبًا الدعاء والأسئلة التي تليها! قد تكون مجرّد لعبة للتسلية وقضاء الوقت، إلا أن الكتاب المقدس واضح في هذا الشأن، فنحن لا نعيش في عالم يتلخص على البشرية وحسب، بل هو بالأساس عالم روحي تخوضه حرب دائمة ومستمرة بين الخير والشر: "12 فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ." (أفسس 6). عالم الأرواح ليس بلعبة أو تسلية، فلا وجود لشيء اسمه "اللعب ببراءة مع الشيطان"، ومجرّد ممارسة بسيطة للعبة خرافية وساذجة قادرة أن تجلب اللعنات والضربات على حياتنا وبكل بساطة!
ابتدأت القصة مع "زهرة بنت الصبح"، وهو ملاك قرر أن يتمرّد على الله فاتخذ موقفًا عدوانيًا وأعلن حربه على إلهه وسيده فسقط من السماء نحو الهاوية، وأصبح يُعرف بإسم "إبليس" أو "الشيطان".. وقد نجح هذا الأخير في تجنيد الآلاف من الأرواح في صفه لتتمرد هي بدورها على الله وتختار الشر، والمعروفة لنا من خلال القصص والروايات بـ "الأرواح الشريرة"! وهنا لا يسعني سوى أن أُنوِّه بأن الكتاب المقدّس ليس بخرافة، ولا هو قصص جميلة تُروى بدافع التسلية والمتعة، بل هو قصص حقيقية من الواقع القديم حتى الجديد، قصص موحى بها من الله لأنبيائه ورسله، قصص هادفة ومُعلِّمة ومُنبِّهة ومُرشدة... ومن المهم جدًا أن نُدرك بأن "عالم الأرواح" هو عالمٌ قائم وموجود، وهو عالم قوي جدًا وذات نفوذ جبّار وسلطة بعيدة الأمد... والحرب معه لا تزال قائمة وبشكل يومي ومستمر، حرب شديدة بين الخير وأجناده (الله وكل من يختار أن يتبعه) وبين الشر وأجناده (إبليس وكل من يختار أن يتبعه). حرب يومية، قد لا نراها بالعين المجردة ولكننا نستشعرها في كثير من الأحيان.. ومجرَّد اللعب واللهو بغرض التسلية والمتعة قد يفتح أبواب الشر والجحيم على عالمنا وعلى حياتنا ونحن بغير دراية من الأمر. إن الكتاب المقدس  يُنبِّهنا من خطورة وجديّة هذه الحقيقة والتي على أساسها أوحي بكل الكتاب للناس، بغرض التنبيه والتعليم. فالعهد القديم عبارة عن رموز متعددة لمجيئ المسيح المُخلِّص (ليُخلِّصنا من إبليس وخططه ومكايده وسلاطينه)، والعهد الجديد هو إتمام لهذه الرموز والوعود بمجيئ المخلِّص المسيح  على أرضنا ليُحارب هذه السلاطين ويُواجه هذه الأرواح وينتصر عليها بموته وقيامته! من منا لا يعرف قصّة آدم وحواء والحية (إبليس)؟ وقصة أيوب الشهيرة وامتحان صبره؟ وصولاً لتجربة يسوع في الصحراء من إبليس 3 مرات.. وتتعدد القصص والحقائق الكتابية... إلى أن وصلنا لقصة الصليب... حيث قدّم رب المجد نفسه ذبيحة طاهرة خالية من كل نجس وخطية، وبموته نزل للهاوية وهناك جرِّد الرياسات وغلبها وقام في اليوم الثالث حاملاً معه مفاتيح الهاوية والموت، مانحًا إيانا القيامة الحقيقة بغلبته! 14 إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّرًا إِيَّاهُ بِالصَّلِيبِ، 15 إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ (كولوسي). فلنشبع فضول أولادنا وبناتنا بأن نزرع فيهم كلمة الله الطيبة، نُرسِّخها في حياتنا وحياتهم..فتُصبح سلاحهم القوي ضد كل شر. لنُحيط أنفسنا دومًا بدم يسوع المسيح الكفاري، وبقوة اسمه وجبروته، وقوة قيامته من بين الأموات.. فليس بأحد غيره الخلاص..وهو وحده الذي غلب الموت والشر! "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ" (أفسس 6:13). لنزيد الوعي في بيوتنا ومدارسنا ومجتمعاتنا عن مدى أهمية وجديّة الحياة الروحية، وعدم الإستخفاف فيها... ولنتخذ موقفًا واضحًا ونختار بحزم ما بين الخير والشر! ولنحارب كل خوف وهلع وقلق في حياتنا وحياة أبنائنا بلجوئنا دومًا للاحتماء والاختباء تحت يد الله القوية والحانية، وكما يقول الكتاب: 13 فَمَنْ يُؤْذِيكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِالْخَيْرِ؟ (1 بطرس 3) وكما دعا الكاهن "ماك آرثي":  "كل من يبحث عن تجارب مع ما هو خارق للطبيعة فليذهب الى القداس." أنا أيضًا أقترح، إن أثارك الفضول لهذا العالم الروحي، إلجأ للكنيسة ولله. فنحن في صلواتنا وتهليلنا وقراءاتنا في الكتاب المقدّس نمارس "إستدعاء روحي مُقدَّس" لله في حياتنا ولعالم الملائكة لتحرسنا وتحفظنا على الدوام... إن أردت أن تلعب لعبة بريئة، فلتلعبها مع الله! فلنتعلق ونشبع ونحتمي دومًا به، ووعد الله لنا: "لأنه تعلق بي أنجيه، أرفعه لأنه عرف اسمي". مزمور 91: 14